يوبا الأول: من هو؟ وكيف أثر على مملكة نوميديا؟
تقديم:
يعد يوبا الأول "جوبا الأول" واحدا من أهم الملوك الأمازيغ الذين حكموا مملكة نوميديا وهو أيضا آخر من حكمها قبل أن تصبح هذه الآخيرة مقاطعة مستعمرة تابعة مباشرة للحكومة الرومانية.
+فمن هو يوبا الأول؟
+وما أهم فترات حياته؟
+وكيف قاوم البطش الروماني القيصري على شمال إفريقيا؟
التعريف بيوبا الأول:
نسبه وسيرته الذاتية:
يوبا الأول، المعروف أيضًا باسم جوبا الأول، كان زعيمًا أمازيغيًا في العصور الوسطى، لذلك كان ذو جنسية أمازيغية، وكان يوبا الأول جزءًا من الثقافة الأمازيغية، حيث قاد حركة توحيد القبائل الأمازيغية في المنطقة التي تمتد عبر شمال إفريقيا، كما ويعتبر يوبا الأول آخر الملوك الأمازيغ، الذين حاولوا الوقوف في وجه الإمبراطورية الرومانية وأطماعها الإستعمارية لشمال إفريقيا عامة ولنوميديا خاصة، فمن بعده ستصبح هذه الأخيرة خاضعة بالكامل لروما.
تمثال ليوبا الأول |
ولد يوبا الأول سنة 85 قبل الميلاد في مدينة بونة (عنابة حاليا، شرق الجزائر)، وكان جوبا الأول ابن الملك النوميدي هيمبسال الثاني وقد خلف يوبا الأول ابنه يوبا الثاني الذي خلفه بالحكم، وبذلك يكون يوبا الأول هو حفيد يوغرطة، ملك نوميديا الأسبق، كما ويعتبر يوبا الأول هو ملك نوميديا الثالث، حيث حكم من 61 قبل الميلاد حتى 46 قبل الميلاد.
يعود نسب يوبا الأول إلى الملك ماسينيسا، مؤسس مملكة نوميديا، حيث كان ماسينيسا هو حفيد الملك النوميدي سيفاكس، الذي كان حليفاً لروما في الحرب البونيقية الثانية، وبالنسبة لديانته يقال أن يوبا الأول كان وثنيا ويقال أيضا أنه كان مسيحيا، ولكن قد لا تكون هذه المعلومة صحيحة ودقيقة بسبب نقص المصادر التاريخية التي تثبت وثنيته أو مسيحيته...
شخصيته:
كان جوبا الأول ملكاً قوياً وعادلاً، وعرف عنه حب الفن والموسيقى، وكان يتحدث العديد من اللغات، بما في ذلك اللاتينية واليونانية والمصرية. كان يوبا الأول أيضاً شخصية تاريخية مهمة، ولعب دوراً كبيراً في تاريخ نوميديا وشمال إفريقيا، حيث عرف عنه كرهه للإحتلال الروماني الذي كان يستغل خيرات شمال إفريقيا.
ويذكر أن يوبا الأول كان محباً للموسيقى والحفلات الموسيقية، فكان ينظم الحفلات الموسيقية والمسرحيات في قصره، وكان يحب العزف على الموسيقى، كما وكان من أبرز الداعمين للفنانين والموسيقيين، حيث كان يستقطبهم من جميع أنحاء شمال إفريقيا...
أهدافه وأحلامه:
يُعتقد أن أهداف جوبا الأول كملك كانت تتمحور حول توحيد الأمازيغ وإقامة مملكة قوية ومستقلة كأبيه وجده الذين كانوا يقتسمون نفس الأهداف، كما وأن تحقيق الإستقلالية السياسية والإقتصادية للأمازيغ وتحقيق الوحدة بين قبائلهم المنتشرة في المنطقة كان أكثر همومه وأحلامه، كما وقد كانت لديه رؤية لتحقيق الإستقرار والسيطرة على المناطق المحيطة به وتوحيد الأمازيغ تحت راية واحدة كمعظم الملوك الأمازيغ.
تمثال ليوبا الأول |
بالإضافة إلى ذلك كانت له رغبة في تعزيز التجارة والإزدهار الإقتصادي في المملكة وتعزيز الثقافة والتقدم في المجتمع، كما وقد سعى أيضًا لتعزيز الأمن والدفاع عن المملكة من التهديدات الخارجية، وخصوصا من التهديد الروماني الذي كان يوبا الأول من أكبر مقاوميه وكارهيه.
تعليمه ومستواه الثقافي:
يعتبر الملك جوبا الأول من الملوك الأمازيغ البارزين في التاريخ، وقد حظي بتعليم وثقافة عالية، حيث تلقى يوبا الأول تعليمه في قصر والده بنوميديا الشرقية، حيث درس العلوم والآداب والفنون، وتعلم اللغات بما فيها الأمازيغية والعربية واللاتينية، مما ساعده على التواصل مع الشعوب المختلفة.
كان يوبا مولعاً بالمطالعة والإطلاع على الكتب والمخطوطات القديمة بمكتبة القصر، كما ودرس علوم الفلك والتنجيم على يد أشهر علماء المغرب في ذلك الوقت، وتدرب أيضا على فنون الشعر وكتابة المراسلات السياسية باللغتين الأمازيغية والعربية.
اهتم أيضا بدراسة تاريخ شمال إفريقيا وحضاراته القديمة مثل القرطاجية والمصرية والإغريقية، لذلك كان الملك يوبا الأول ذا مستوى ثقافي وتعليمي مرموق بحكم مكانته الإجتماعية كملك وتوفير الظروف، مما نكنه من تولي زمام الحكم وقيادة شعبه بكفاءة وحنكة.
! يرجى الإشارة أن هذه المعلومات حول تثقيف وتعليم يوبا الأول غير دقيقة وغير موثوقة، بحكم قدم الفترة التاريخية وقلة المصادر المتوفرة حول هذا الموضوع...
مقاومة جوبا الأول للإحتلال الروماني من قيصر روما:
عاش جوبا الأول في المرحلة اللاتينية، حيث تميزت هذه الفترة بسيطرة القوات الرومانية على مناطق شمال أفريقيا، كما وأن الإمبراطورية كانت تظهر بشكل واضح نيتها في احتلال الممالك الأمازيغية والإفريقية بكل خيراتها وثرواتها، بالإضافة إلى ذلك أظهرت الإمبراطورية نيتها السيئة في تطويق الممالك الأمازيغية البربرية وعزل إفريقيا النافعة (ذات الثروات) عن إفريقيا غير النافعة (قليلة الثروات)، وكل هذا الإستفادة من ثروات إفريقيا لصالح عظماء روما...
ملك نوميديا يوبا الأول |
كل هذا كان يؤثر سلبا على الأمازيغ، حيث أنه كلما حدثت اضطرابات سياسية وعسكرية وانفلابات بالإمبراطورية الرومانية كان ذلك له أثر سيئ على شمال إفريقيا، فبعد موت الدكتاتور سيلا أصبحت روما بمرحلة فراغ سياسي كبير، وبسبب ضعف مجلس الشيوخ الروماني آنذاك، مما أدى إلى وقوع حرب بروما انتهت بفوز قيصر وسيطرته على الحكم سنة 48 ق.م، وبذلك وبسبب تحالف الملوك النوميد مع فرقاء الصراع الروماني جر ذلك ويلات كثيرة على الدول الأمازيغية...
وعلى كل حال عايش جوبا الأول أحداث الحرب الأهلية الإطالية التي كانت تدور أحداثها بمدن روما، وكانت هذه الحرب تدور بين القائدين الرومانيين الكبيرين: يوليوس قيصر، وپومبيوس، وبطبيعة الحال سيؤثر ذلك على شمال إفريقيا، وبذلك أصبح يجب على الملك جوبا الأول أن يختار حليفا له ليحميه ويستفيد منه ومن سلطته ومن الجوائز والإمتيازات التي ستقدم للحلفاء.
يوبا الأول والحرب الأهلية الإطالية |
وبالمقابل يقدم الملك يوبا الأول كل الدعم المادي والعسكري لحليفه لمساعده للفوز بالحرب، وبذلك اختار يوبا الأول أن يتحالف مع القائد بومپيوس والذي وعده بحمايته وتأمينه، خصوصا وأن ملك نوميديا كان يعلم ويدرك أطماع خصم خليفه الخفية في الاستيلاء على ثروات شمال إفريقيا، كما وأن يوبا الأول كان كارها لحكم قيصر الروم الإستبدادي والذي ولد عنده كرهت الروم عامة وقيصر خاصة، وبعد الحرب انتهت المعارك بخسارة يوبا الأول مع حليفه پومبيوس.
وفاة يوبا الأول:
بعد هزيمة يوبا الأول وحليفه پومبيوس تأثر يوبا الأول بتلك الخسائر البشرية والمعنوية بالنسبة له، خصوصا أنه فر هاربا من الحرب بعد أن رأى حلفاؤه مهزومين وقتل أغلب جنوده بشكل شنيع، مما شكل له عقدات نفسية أثرت سلبا على ما تبقى من حياته، وبذلك بدأ يحس بالإنعزال عن شعبه وعائلته.
أدى تأثر يوبا الأول بنتائج الهزيمة لانتحاره بشكل غريب في ساحة المعركة سنة 46 ق.م، حيث طلب من رفيقه والقائد الروماني الذي نجى من الحرب أن يتقاتلا حتى الموت فتوفي يوبا بساحة المعركة ويعتبر ذلك كانتحار شريف وشجاع حسب المبادئ والأفكار الأمازيغية، وبذلك ترك يوبا ابنه يوبا الثاني الذي كان لا يتجاوز السابعة من عمره آنذاك والذي أصبح ملكا شهما عظيما بعد أبيه...
وفاة يوبا الأول |
خاتمة:
يعد يوبا الأول من أعظم وأهم الملوك الأمازيغ الذين حكموا نوميديا الشرقية، ويعد موته من أكثر الموتات غرابة في تاريخ الملوك النوميد، حيث أنه لم يتحمل فراره من ساحة المعركة خاسرا ووراءه كل جنوده وحلفائه المقتولين، مما أدى لتفكيره بلإنتحار الذي كان يظن أنه القرار المناسب كبربري شهم يؤمن بما كان يؤمن به كل بربي من أقرانه الملوك في ذلك العهد.