مملكة نوميديا الغربية: مملكة الملك الأمازيغي صيفاكس

 تقديم:

عُرفت مملكة نوميديا الغربية منذ القدم بتاريخها المزدهر وأحداثها المختلفة وقوتها وازدهارها اللذان مكنانها من التقدم والتطور على مختلف العصور التاريخية القديمة، حيث كانت مملكة بربرية بشمال إفريقيا، وبذلك كانت ذات ثروات كبيرة ونفوذ أكبر.

+فما هي مملكة نوميديا الغربية؟
+وكيف كانت مملكة نوميديا الغربية بعهد صيفاكس؟
+وكيف كان اقتصاد هذه المملكة؟
+وما نظام إدارة الأقاليم المعروف بهذه المملكة؟

ما هي مملكة نوميديا الغربية:

مملكة نوميديا الغربية:

مملكة نوميديا الغربية هي مملكة بربرية عاصمتها سيرتا قديمة، حيث قامت بشمال غرب إفريقيا في غرب الجزائر، وتمتد هذه المملكة من وادي ملوية بالمغرب إلى شمال قسنطينة في الجزائر، ويُعتبر الأمازيغ الماسيسيل هم السكان الأصليون لمملكة نوميديا الغربية، وعُرفوا بتحالفاتهم ودعمهم الدائم والمستمر لقرطاج ضد الإمبراطورية الرومانية.

مملكة نوميديا الغربية
مملكة نوميديا الغربية

التسميات والمعاني:

يُطلق على مملكة نوميديا الغربية العديد من التسميات التي لها دلالات كثيرة حول المملكة نذكر من تلك التسميات.

  • مملكة نوميديا الغربية: وهي التسمية الأكثر شيوعًا للإشارة إلى هذه المملكة الأمازيغية التي قامت غرب الجزائر حاليًا.

  • مملكة المازاسيل أو الماسيسيل: هذا الإسم أطلقه المؤرخون على السكان الذي سكنوا مملكة نوميديا الغربية، وأصل التسمية يعود لاسم قبيلة ليبية سكنت شمال إفريقيا قديما.

  • مملكة ماسيلي أو مازايسيل أو مازيسول: هذه التسمية تعود أيضا لأسماء ليبية قديمة استُخدمت بليبيا قديما.

لذلك يمكن أن نعتبر أن تسميات مملكة نوميديا الغربية إما تدل على موقعها الجغرافي أو تدل على تاريخ المنطقة قديما...، ومن هذا نستنتج أسماء هذه المملكة: مملكة نوميديا الغربية، الماسيسيل، المازاسيل، زيلالس، مازايسيل، مازيسول وماسيلي، ويرجى الإشارة إلى أن هذه ليست سوى بعض الأسماء البارزة والمعروفة لهذه المملكة، حيث قد لا نكون غطينا كل الأسماء.

تأسيس مملكة نوميديا الغربية:

حسب بعض المصادر يرجع الأصل في تأسيس مملكة نوميديا الغربية إلى قبيلة صغيرة وُجدت بمنطقة أصبح فيما بعد يُعرف باسم موريطانيا القيصرية، أي أن هذه القبائل كانت تعيش بمنطقة ستصبح فيما بعد من الزمان مملكة موريتانيا القيصرية، عموما فقد أزيلت هذه القبيلة نتيجة لحروب متتالية مع "قبائل الجدالة" وبذلك انتقلوا شرقا مستقرين بحدود منطقة مملكة نوميديا الغربية، حيث تأسست هذه المملكة حوالي سنة 220 ق.م.

مملكة نوميديا الغربية
حدود مملكة نوميديا الغربية

مملكة نوميديا الغربية بعهد صيفاكس:

يُعد الملك صيفاكس هو الملك الأمازيغي النوميدي الأكثر قوة وبروزا بتاريخ مملكة نوميديا الغربية، حيث عرفت هذه الأخيرة بعهده تطورا وازدهارا ملحوظا، عُرف صيفاكس بمقاومته ورفضه الشرس للإحتلال الروماني، حيث كان من الملوك الحلفاء لقرطاج ضد روما، وكان من طموحاته توحيد  مملكة نوميديا الشرقية ومملكة نوميديا الغربية إلى بعض جانب القبائل المجاورة.

لكن كانت هنالك عقبة تقف أمام تحقيق هذا الطموح، وهي قوة مملكة نوميديا الشرقية بقيادة الملك ماسينيسا، حيث كانت تعرف هذه الأخيرة تطورا وازدهارا كبيرا بعهد هذا الملك، وعند اندلاع الحرب البونقية الثانية بين الرومان والقرطاجنة تمكنت قرطاج من ضم صيفاكس كحليف لها، بينما تحالف الرومان مع الملك ماسينيسا، لكن وبفضل قوة الملك ماسينيسا والرومان خسر صيفاكس هذه الحرب وقُتل سنة 203 ق.م على يد العدو وبذلك توحدت مملكتي نوميديا الشرقية و نوميديا الغربية.

اقتصاد مملكة نوميديا الغربية:

من خلال بعض النصوص التاريخية اعتُبرت مملكة نوميديا الغربية بجهتها الغربية المقابلة لموريطانيا بأنها كانت خصبة، حيث كانت كثيرة المصادر الطبيعية وبالتالي كثيرة الإنتاج، أما بالنسبة للجهة الشرقية المقابلة لمملكة نوميديا الشرقية فقد وُصفت بازدهارها  واستثماراتها.

مملكة نوميديا الغربية
اقتصاد مملكة نوميديا الغربية

ويُعقب سترابون حول خصوبة مملكة المازيسيل بشكل قد يبدو مبالغا فيه بقوله أن أرض المازيسيليين كانت تغل صيف وربيعا وأن طول ساق محاصيل القمح كان يصل إلى مترين وأكثر أما عن سُمكه فقد كان يصل إلى سمك إصبع صغير، كما وقد أشار على أن إنتاج السنبلة كان يصل لمئتين وأربهين.

إدارة إقليم نوميديا الغربية:

يُعتقد أن بعض الوزراء كانوا ينتمون إلى الحاشية المقربة من الملك، حيث كان يمنحون سلطة إدارية واسعة لإدارة الأنظمة المحلية في المملكة، وتشير بعض النصوص التاريخية إلى ذلك، مثل نص تيتيوس ليفيوس الذي يشير إلى تعيين صيفاكس لولاة وزراء مملكة نوميديا الغربية، مما يدل على أن الملك كان يثق بالوزراء ويكلفهم بمسؤوليات إدارية هامة في إدارة المناطق المحلية بالمملكة.

ويشير تيتيوس أيضا إلى ولاية الملك يوغرطة، هذان المقالات يوميات على وجود مناطق مختلفة بمملكة نوميديا الغربية تخضع لحكم بعض الولاة الذين يُسيرون عن طريق أوامر الملك الأعلى، كما وافترض البعض على أن مملكة المازيسول كانت مقسمة لولايات صغيرة أو دُويلات بالمناطق الداخلية للمملكة، أما بالنسبة للمناطق الساحلية البحرية فكانت تميل إلى الإتساع والإنفصال في وحدات شبه مستقلة تُعرف بالبلديات.


مملكة نوميديا الغربية كانت تمتلك جيوشًا قوية ومنظمة، كانت هذه الجيوش تلعب دورًا هامًا في حماية المملكة وتوسيع نفوذها، ومن بين الجيوش البارزة في تاريخ نوميديا الغربية، ونذكر من تلك الجيوش:

  • الجيش الدائم: كان للجيش الدائم في مملكة نوميديا الغربية تنظيم عالٍ ودقة في التشكيل، حيث كان يتألف من عدة وحدات تحت قيادة ضباط مدربين بشكل جيد، ويتمتع الجيش بتسليح قوي يشمل الأسلحة الدفاعية والهجومية، حيث استُخدمت أدوات الحصار في المعارك وفي مواجهة العدو، وفي حالة المعارك على السهول، كان الجيش يعتمد على وحدات الفيلة، وكان يتكون الجيش من مشاة وفرسان، من الملاُحظ أن الفرسان كانوا يشكلون نسبة عالية من هذا الجيش وكانوا يلعبون دورًا أساسيًا، أما بالنسبة للمشاة، كانت هناك فرق خفيفة مسلحة بالرماح وأيضًا بالنبال والمقاليع.

  • وحدات الإحتياط: هذا النوع من الجيش كان يُجند عند قيام واندلاع الحروب ويعود طبيعيا عند انتائها.

  • المرتزقة: وفقًا لبعض النصوص التاريخية، يشار إلى أن ملوك نوميديا الغربية استعانوا بالمرتزقة من الليقوريين والتراقيين والغاليين والإسبان، حيث يشير سالوستيوس إلى استخدام الليقوريين والتراقيين في جيش يوغرطة، بينما يشير قيصر إلى وجود فرسان غاليين وإسبان في جيش يوبا الأول.

  • البحرية: ظهر اهتمام مملكة نوميديا الغربية بجيوش البحرية خاصة بعد الملك ماسينيسا، وتشير النصوص التاريخية إلى وجود أسطول بحري تحت قيادته يجوب مياه البحر الأبيض المتوسط، حيث كان لهذا الأسطول دورا هامًا في تعزيز التجارة وتأمين المملكة من القرصنة وصد الأعداء، بالإضافة إلى دوره في حماية المصالح البحرية لنوميديا الغربية، كانت للبحرية أيضًا أهمية استراتيجية في تعزيز نفوذ المملكة وتوسيع نطاق تأثيرها في المنطقة البحرية.

خاتمة:

تُعد مملكة نوميديا الغربية من الممالك التي برزت ملوكها المميزين وتسييرهم الجيد إلى حد ما، ومن عوامل تطور هذه المملكة وقوتها نجد جيوشها واقتصادها ونظام تسيير أقاليمها الذي كان يرتكز على نظام الولاة.
المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق